الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.عزل الوزير نصير الدين. كان نصير الدين ناصر بن مهدي العلوي من أهل الري من بيت إمارة وقدم إلى بغداد عندما ملك الوزير ابن القصاب الري فأقبل عليه الخليفة وجعله نائب الوزارة ثم استوزره وجعل ابنه صاحب المخزن فتحكم في الدولة وأساء إلى أكابر موالي الناصر فلما حج مظفر الدين سنقر المعروف بوجه السبع سنة ثلاث وستمائة وكان أميرا ففارق الحاج ومضى إلى الشام وبعث إلى الناصر أن الوزير ينفي عليك مواليك ويريد أن يدعي الخلافة فعزله الناصر وألزمه بيته وبعث من كل شيء ملكه ويطلب الإقامة بالمشهد فأجابه الناصر بالأمان والاتفاق وإن المعزلة لم تكن لذنب وإنما أكثر الأعداء المقالات فوقع ذلك واحتز لنفسه موضعا ينتقل إليه موقرا محترما فاختار أيالة الناصر خوفا أن يذهب الأعداء بنفسه ولما عزل عاد سنقر أمير الحاج وعاد أيضا قشتمر وأقيم نائبا في الوزارة فخر الدين أبو البدر محمد بن أحمد بن اسمينا الواسطي ولم يكن له ذلك التحكم وقارن ذلك وفاة صاحب المخزن ببغداد أبو فراس نصر بن ناصر بن مكي المدائني فولى مكانه أبو الفتوح المبارك بن عضد الدين أبي الفرج ابن رئيس الرؤساء وأعلى محله وذلك في المحرم سنة خمس وستمائة ثم عزل آخر السنة لعجزه ثم عزل في ربيع من سنة ست وستمائة فخر الدين بن اسمينا ونقل إلى المخزن وولى نيابة الوزارة مكانه مكين الدين محمد ابن محمد بن محمد بن بدر القمر كاتب الإنشاء ولقب مؤيد الدين..انتقاض سنجر بخوزستان. قد ذكرنا ولاية سنجر مولى الناصر على خوزستان بعد طاش تكين أمير الحاج ثم استوحش سنة ست وستمائة واستقدمه الناصر فاعتذر فبعث إليه العساكر مع مؤيد الدين نائب الوزارة وعز الدين بن نجاح الشرابي من خواص الخليفة فلما قاربته العساكر لحق بصاحب فارس أتابك سعد بن دكلا فأكرمه ومنعه ووصلت عساكر الخليفة خوزستان في ربيع من سنته وبعثوا إلى سنجر في الرجوع إلى الطاعة فأبى وساروا إلى أرجان لقصد ابن دكلا بشيراز والرسل تتردد بينهم ثم رحلوا في شوال يريدون شيراز فبعث ابن دكلا إلى الوزير والشرابي بالشفاعة في سنجر واقتضاء الأمان له فأجابوه إلى ذلك وأعادوا سنجر إلى بغداد في المحرم سنة ثمان وستمائة ودخلوا به مقيدا وولى الناصر مولاه ياقوتا أمير الحاج على خوزستان ثم أطلق الناصر سنجر في صفر من سنة ثمان وستمائة وخلع عليه..استيلاء منكلى على بلاد الجبل وأصبهان وهرب ايدغمش ثم مقتله ومقتل منكلى وولاية اغلمش. قد ذكرنا استيلاء ايدغمش من أمراء البهلوانية على بلاد الجبل همذان وأصبهان والري وما إليها فاستفحل فيها وعظم شأنه وتخطى إلى أذربيجان وأرانيه فحاصر صاحبها أزبك بن البهلوان ثم خرج سنة ثمان وستمائة منكلى من البهلوانية ونازعه الملك وأطاعه البهلوانية فاستولى على سائر تلك الأعمال وهرب شمس الدين ايدغمش إلى بغداد وأمر الناصر بتلقيه فكان يوما مشهودا وخشي منكلى من اتصاله فأوفد ابنه محمدا في جماعة من العسكر وتلقاه الناس على طبقاتهم وقد كان الناصر شرع في إمداد ايدغمش فأمده وسار إلى همذان في جمادى من سنة عشر ووصل إلى بلاد ابن برجم من التركمان الأيوبية وكان الناصر عزله عن إمارة قومه وولى أخاه الأصغر فبعث إلى منكلى بخبر ايدغمش فبعث العساكر بطلبه فقتلوه وافترق جمعه وبعث الناصر إلى أزبك بن البهلوان صاحب أذربيجان وأرانية يغريه به وكان مستوحشا منه وأرسل أيضا إلى جلال الدين صاحب قلعة الموت وغيرها من قلاع الإسماعيلية من بلاد العجم بمعاضدة أزبك على أن يقتسموا بلاد الجبل وجمع الخليفة العساكر من الموصل والجزيرة وبغداد وقدم على عسكر بغداد مملوكه مظفر الدين وجه السبع واستقدم مظفر الدين كوكبري بن زين الدين كوجك وهو على إربل وشهرزور وأعمالها وجعله مقدم العساكر جميعا وساروا إلى همذان فهرب منكلى إلى جبل قريب الكرج وأقاموا عليه يحاصرونه ونزل منكلي في بعض الأيام فقاتل أزبك وهزمه إلى مخيمه ثم جاء من الغد وقد طمع فيهم فاشتدوا في قتاله وهزموه فهرب عن البلاد أجمع وافترقت عساكره واستولت العساكر على البلاد وأخذ جلال الدين ملك الإسماعيلية منها ما عينته القسمة وولى أزبك بن البهلوان على بقية البلاد أغلمش مملوك أخيه وعادت العساكر إلى بلادها ومضى منكلى منهزما إلى مدينة ساوة فقبض عليه الشحنة بها وقتله وبعث أزبك برأسه إلى بغداد وذلك في جمادى سنة اثنتي عشرة.
|